مقال في صحيفة عيون المدينة بعنوان / برج المراقبة البشري 📡

https://www.almadenh.com/show_art.php?id=2733أبراج المراقبة البشريين هم هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بإتباع كل خطواتك ونشاطاتك على مواقع التواصل الاجتماعي أو حياتك الخاصة هؤلاء يعرفون ما تفعله أكثر منك نفسك.

وفي كل حركة أو تصرف تقوم به يقوم هذا البرج بتحليل معناها وما أكثرهم من أبراج من حولنا.

هناك خصوصيات يا أبراج المراقبة إن كنت أريدكم أن تعرفوا بأمر يخصني فلن تضطروا للسؤال أصلًا لأنني سوف أذكره، وأسئلة التطفل تحت مسمى الصداقة أو القرابة أو المعرفة ليست مبرر لاغتصاب حريات الآخرين والتدخل في شؤونهم، للأسف "اللقافة" من الظواهر المنتشرة بين مجتمع أبراج المراقبة الأنسية سواء على الصعيد الشخصي أو المهني أو الاجتماعي.

قبل أن تسأل أي سؤال مُتطفل لأي شخص مهما بلغت درجة "الميانة" يجب أن تضع في عين الاعتبار هل سوف تساهم عند معرفتك للإجابة للمساعدة أو تقديم حلول فعلية؟ أم سوف تعرف الإجابة فقط إشباعًا للـ "لقافة" التي تستحق فيها درجة ممتاز مع مرتبة الشرف، يا برج المراقبة انشغل بنفسك لأن الانشغال بخصوصيات الآخرين ليست من شيم المسلمين ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه.

لا أعلم هل أبراج المراقبة يعرفون أنهم يُصنفون تحت هذا التصنيف أو لا يشعرون بلقافتهم وتطفلهم عند التفوه بملاحظات ساذجة أو معاتبة مقيتة أو أسئلة متطفلة؟ افهم يا من تُصنف تحت فئة أبراج المراقبة نحن لم نطلب إسداء المشورة أو النصيحة حول الأنسب والأحسن.

لكم أن تتصوروا أن البعض يتدخل ويتطفل حتى حول اللباس الذي يجب أن نلبسه أو الطعام الذي يجب أن نأكله، وتدخلهم ومراقبتهم قد يكون سببها الفهم الخاطئ لعقيدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو قد يكون سببها تقضية وقت فراغ حيث إنّ معظم أبراج المراقبة من العاطلين عن العمل أو حتى يعملون وأصحاب مناصب ولكن ليس لديهم ما يشغلهم سوى أحوال الناس واستغلال المعلومات والأسرار الخاصة بالآخرين من أجل تقضية الوقت، وكأنهم يتناولون القهوة في حديثهم عن الآخرين، لا تحلى التجمعات ولا يزيد جمالها إلا بشرب القهوة! و "قهوة" أبراج المراقبة هي "أحوال الآخرين".

برج المراقبة البشري يحاول إبراز قدراته للآخرين من خلال التدخل في شؤونهم ومشاكلهم الخاصة وكأنه وسيط بين الأطراف المتنازعة لكسب الوجاهة الاجتماعية والصيت، بصراحة لا أعلم كمية نزعة الفضول القوية بداخلهم حيث يحاولون بكل جهدهم معرفة كل شيء. 

أمانةً أنا أرى أن أبراج المراقبة يتصفون بالسذاجة وهذا ما يجعلهم يثرثرون كثيراً ويخوضون فيما لا يعنيهم ويتكلمون بسبب أو دون سبب بالرغم من أن شريعتنا السمحة تحث على عدم التدخل في شؤون الآخرين، حيث أن الحقوق الفردية التي كفلتها الشريعة الإسلامية قبل الشرائع الوضعية.

يا أبراج المراقبة ديننا الحنيف يمنعنا من الحكم على الناس أو التدخل في نواياهم ومعتقداتهم لأسباب كثيرة من بينها أن الحكم على البشر ليس من شأن البشر أصلاً، ولأن البشر لا يمكنهم معرفة سرائر القلوب وما تخفي الصدور، ولا تعرف الظروف إن لكل إنسان ظروفه وأعذاره التي قد لا تعلم أنت عنها وأعقل الناس أعذرهم للناس.

المفارقة العجيبة أننا من أكثر الشعوب تمسكًا بالخصوصية، ومن أكثرها تدخلاً في خصوصيات الآخرين، وأغلب من يتجبرون بالتدخل في شؤون الآخرين عندما نسأله كيف الحال لا يجيب من شدة حرصه على خصوصياته.

حياتنا وتصرفاتنا، وتحركاتنا، وأين سافرنا؟ وماذا فعلنا؟ تشكل مادة خصبة لأحاديث الناس ويا ليت الأمر ينتهي عند "اللقافة" بل تتجاوز اللقافة إلى غيبة ونميمة، وتقييم، وإطلاق الأحكام.

الغريب أننا أكثر أمة تملك آيات وأحاديث ومقولات تحث على عدم المراقبة وفي نفس الوقت أكثر أمة تنتشر بها أبراج المراقبة البشرية.

أخيرًا: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، ولا تُعَيِّرُوهُمْ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فإنه من تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ في جَوْفِ رَحْلِهِ".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقال بعنوان / زوجوه يعقل ! في صحيفة الرائدية

تواجه عاصفة وتهدك نسمة !

مقال بقلمي بعنوان /ولاية القوامون على النساء في صحيفة عيون المدينة