مقال بعنوان / شهوة الأنتقاد في صحيفة الرؤية الدولية

لمشاهدة المقال انقر هنا تنتاب البعض شهوة تشبه شهوة الطعام أو ربما أكثر منها وهي “شهوة الإنتقاد” هؤلاء البعض يتفنون بكافة الأساليب مع إستعراض عضلاتهم ببعض المفردات والألفاظ التي تنم عن ثقافة جمة مستغلين قاموسهم في توجيه سهام النقد لكل من حولهم والانتقاص من قيمة أي شيء يقال أمامهم أعتقد بأنهم مارسوا شهوة النقد حتى بدت هوايتهم المفضلة فهم دائما يعترضون ولا شيء يعجبهم أو يثير اهتمامهم بصراحة أراهم ينتقدون فقط لمجرد النقد و يعترضون لمجرد الأعتراض

أنا هنا لا أتكلم عن النقد الإيجابي الذي يساهم في التطوير والتحسين مع إختيار الألفاظ والوقت المناسب ، وبذلك يحضرني موقف شخص حضر لي دورة تدريبية وبعد المحاضرة مُباشرة قال لي أنني حضرت اكثر من ١١ عام دورات تدريبية لم أرى أسوء من هذه الدورة على الاطلاق ولم استطع أن أكملها ! لكم أن تتخيلو الموقف هو يرسل هذه الرسالة وفي نفس اللحظة بلا مُبالغة رسائل الثناء والشكر للمجهود ، توقفت قليلًا أتأكد من إسم الشخص الذي عبر بهذه التعبيرات بعد العطاء مُباشرة وعبرت له عن شكري لحضوره وقلت له اعتذر عن أن دورتي اسوء دورة حضرتها في حياتك ولكن ما رأيك أن تقدم لي نصائح للتحسين بدل اللفظ هذا؟ ( وهنا بدأ بتعداد النقاط التحسينية ، هكذا النقد الإيجابي عندما تقوم بذكر النقاط التطويرية ولكن النقد فقط لإبداء رأي لايسمن ولا يغني من جوع قد يجرح الآخرين أنا لا أرى سوى أنه كسر مجاديف الأمل ) لذلك يجب مراعاة التوقيت ومراعاة الألفاظ قبل الخوض في الإنتقادات وخاصة السلبية

ولنا في خطاب الله لموسى وهارون الموجهة لفرعون الذي تجاوز الحد في الكفر والطغيان خير برهان حيث قال سبحانه في كتابه الكريم “فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى” إذًا هذا يدل أن الكلمات الرقيقة واللينة أوقع فى النفوس وأبلغ وأنجع

إن التقليل من قيمة الآخرين شائع مع الأسف وخاصة بين أصحاب العمل الواحد ، ويحضرني موقف آخر تعرضت له لنقد في مجموعة تُعنى بالثقافة والإطلاع بعد إرسال مقال رد علي شخص من منسوبي هذه المجموعة بنقد لاذع أطول من المقالة نفسها أمام أكثر من ٧٠ عضو وبعض من عباراته اللطيفة كانت : المقال بحاجة ماسة للإنعاش اللغوي والفكري! وان المجموعة تضم مثقفين او من يرغبون في كونهم مثقفين! بأسلوب تقليل ممن يرغب في كونه مثقف! بل لم يكتفي بتصنيف الأشخاص في المجموعة ولكن تجاوز مرحلة التصنيف بل ذكر أن المجموعة لم تحقق هدفها ! وكأنه سيد زمانه المُفكر الناقد فضلًا عن ذكره أساليب للكتابة لم أطلع عليها مُسبقًا وأعتقد أنه أسلوب فرد عضلات بمفردات وأساليب تقلل من قيمة الآخرين

أنا لا أفقه بأساليب الكتابة الجيدة شيء وأعترف بذلك أمام الملأ ولكن أفقه في ضرورة توصيل الفكرة والإلهام المغزى هنا ليس الكلمات بل طريقة قولك للكلمات فمثلًا إصداري الأول لم يتجاوز ٥٠ صفحة وفخورة به بالرغم من أخطائه بل إن أخطائه هي سبيل تحسين وتطوير أرى بأن المحاولة هي بداية النجاح وبداية التحسين وبالتأكيد هذه التجربة حتى وإن كانت لا ترتقي لمستوى الكتابة علمتني الكثير وسوف تساعدني أخطائي هذه على تجنبها في إصداري القادم ، وهنا يحضرني موقف من فترة قريبة أثناء إجتماع لما يشبه نادي كتاب وقراءة وسأل سائل من المتواجدين كيف نوقف الأقلام الناشئة التي لاتفقه شيئًا من أساليب الكتابة وشوهت الكتب ! صراحة السؤال لم أعتقد أنه موفق حيث أن رؤيتي مختلفة جدًا لهذا الموضوع حقًا لماذا أوقف هذا القلم الناشيء لماذا لا أشجعه وأحاول تطويره وتدريبه بدل نقده وتحطيمه ؟

للأسف هناك بعض الأشخاص الذين لاينظرون للآخرين إلا بعين السخط التي لا ترى سوى النقص ولا تعرف غير البغض هؤلاء الأشخاص تركبهم شهوة الانتقاد ويعشقون تنقيص الآخرين والتنقيب عن عيوبهم أعتقد بأنهم مرضى من الداخل ومرض النفس أشد من مرض الجسد

أنا لست ضد النقد وخاصة النقد الإيجابي وقد يكون النقد كالدواء المر الذي لابد منه لعلاج المريض لكن يجب أن يصدر النقد الإيجابي عن حب وتطوير لا حقد وتنقيص وكِبَر وفوق هذا فإن له شروطاً موضوعية لكي يعم نفعه وتقل محاذيره أولها أختيار الأسلوب في تبليغ الطرف الآخر بالنقد لتصرفاته واستنكارنا له وإختيارنا لوقت النقد فإن النقد بحضور الآخرين أقرب للفضيحة والشماتة ! يحضرني موقف شخص في مجموعة أصدر كتاب تحت مسمى معين وقد يكون المسمى به كلمة أجنبية تخصصية وأثناء التبريكات والتهاني وفي غمرة فرحة الكاتب بالإصدار رد شخص ناقد و برز سيف النقد اللاذع وعلق على مسمى كتابه قبل أن يقرأه حتى .. أعلم بأنها وجهة نظر وقد تكون صائبة ولكن هل هذا توقيت مناسب؟ أو حتى مكان مناسب؟

عمومًا شهوة الانتقاد التي أقصدها في هذا المقال لا علاقة لها بالإصلاح بل أتحدث عن شهوة الإنتقاد المريضة التي تحب تنقيص الآخرين ويحس فاعلها حين ينقص غيره أنه يعلو وما درى أنه يزداد سفلًا أقصد بهذا المقال صاحب النظرة السوداوية التي تتفنن بالانتقاد وليس أي انتقاد بل هو انتقاد من أجل الانتقاد فقط و لإشباع شهوة سوداء بداخله

شهوة الانتقاد تشبع شعور البعض بالنقص وربما تملأ الفراغ الذي يعيشه لضياع البوصلة في حياته اليومية فهو يبحث عن أي موضوع لينتقد فقط من أجل الانتقاد بالتأكيد ليس من العيب أن ننتقد ولكن بدون تتبع الآخرين وتسجيل كل شاردة وواردة حتى تصل في النهاية إلى حبكة مناسبة مع كلمات منمقة واحاديث مدعمة بأمثلة لا علاقة لها بالنقد الإيجابي البناء لتعرضها أمام الآخرين لترضي غرورك الفارغ

بالفعل تراودني أسألة عديدة : يا ترى ما هو نوع النشوة التي تنتاب مدمني شهوة الإنتقاد وهم يحطمون غيرهم ؟ ديننا أولى مشاعر وأحاسيس الآخرين خير إهتمام فمن أراد أن يتكلم فليقل خيرا أو ليصمت ، والله يقول: “وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا”

وأخيرًا سأشارككم بطريقة نقد الشطيرة وأراها طريقة لطيفة لتوجيه النقد :
1 – “جزء الشطيرة العلوي” ذكر شيء إيجابي (شيء تم فعله بالطريقة الصحيحة او بطريقة مميزة)
2 – “الحشوة” ذكر النقد او شيء يحتاج لإصلاح (مع اقتراح طريقة اصلاحه)
3 – “جزء الشطيرة السفلي” ذكر شيء إيجابي (تشجيع الشخص على التحسن)

خلاصة مقالي
ليس المهم ماتقوله للآخرين بل المهم كيف تقوله
فهذا من أشد دلائل ثقافتك وحسن طبعك فمثلاً بدل أن تقول لأحدهم (انت لا تفهم ما أقول) سيكون وقعها مختلفاً تماماً لو قلت له (يبدو أنني لم استطع توصيل الأمر اليك)!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقال بعنوان / زوجوه يعقل ! في صحيفة الرائدية

تواجه عاصفة وتهدك نسمة !

مقال بقلمي بعنوان /ولاية القوامون على النساء في صحيفة عيون المدينة