القريب قبل الغريب

 


انقر هنا لقراءة المقال أقبل رمضان وهو شهر المساعدة وشهر الصدقات و أصبحت الصدقه بالذات في هذا الشهر طقس من طقوس الشهر الكريم ولكن المؤلم أن تكون الصدقة والتبرعات للغريب قبل القريب !

أليس الأقربون أولى بالمعروف ؟ 


مساعدة الآخرين من أسمى القيم الإنسانية التي يحث عليها ديننا الإسلامي لما له من أثر في تحقيق التكافل والتراحم بين الناس ، ومن المبادئ التي أقرها الإسلام في هذا الشأن قاعدة “الأقربون أولى بالمعروف” والتي تعني أن الإنسان مسؤول أولًا عن رعاية أقاربه ومجتمعه قبل أن يتجه إلى مساعدة الآخرين من خارج دائرته .


وتطبيقًا لهذا المبدأ فإن الصدقة على المحتاجين داخل عائلتك او داخل المجتمع السعودي تأتي في المرتبة الأولى قبل توجيهها إلى الأجانب ، لما لذلك من أثر مباشر في تقوية المجتمع وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.


و بالتأكيد لا أعني في مقالي هذا عدم مساعدة الغريب 

بالطبع، لا. ولكن ترتيب الأولويات يفرض أن يتم دعم الأقرب فالأقرب ، فإذا تم تحقيق الاكتفاء الداخلي داخل دائرة عائلتك ولم يعد هناك فقراء أو محتاجون محليون يمكن حينها توجيه الدعم إلى من هم خارج المجتمع. 


جاءت النصوص الشرعية واضحة في تأكيد هذا المبدأ، فقد قال النبي ﷺ: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة وهذا يدل على أن إعطاء الصدقة للأقارب والمجتمع المحلي لا يحقق فقط فضيلة الصدقة و العطاء بل يعزز أيضًا الروابط العائلية والاجتماعية.


منظر يعصر قلبي من الألم أن أرى رجل أمن على باب مجمع تجاري وراتبه لا يكفيه عُشر الشهر وعشرين الشهر يقضيه بين هم وضيق وفرج الحال وسؤال الحاجة لله وحده بكل تعفف ، و المساعدة بدل أن تكون له بطريقة جميله مثل ظرف مغلق وبداخله مبلغ مالي أو هديه بسيطة تُعطى هذه المساعدة لمتسول أجنبي بالقرب من إشاره المرور ! 


لماذا تفضيل الغريب على القريب و معاملة  الغريب بحنان وعطف وتسامح أما القسوة والجفاء على العائلة أو الأقرباء  ! قال تعالى "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّه "

لماذا الصدقة تُعطيها للفقير الذي تجهله ولا تعطي من تعرفه ! 
هل فكرت بقريبك ميسور الحال المتعفف ؟
لذا تفقدوا الفقرآء والمحتاجين في عوائلكم فالصدقة على القريب فيها أجران ‏أجر الصدقة وأجر القربى .


كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ” وهذا ترتيب واضح لأولويات الإنفاق حيث تبدأ من الأقارب ثم تتوسع لتشمل الفئات الأضعف في المجتمع.


إذ إن من الواجب على كل فرد أن يبدأ أولاً وقبل كل شيء بترتيب بيته ثم يتحول بعد ذلك إذا ما تيسر له الأمر بمد يد العون والمساعدة إلى الآخرين لأن الأقربين أولى بالمعروف.


مبدأ “الأقربون أولى بالمعروف” ليس مجرد قاعدة اجتماعية بل هو توجيه شرعي وحكمة اقتصادية تهدف إلى تحقيق العدالة في توزيع الموارد. 


عندما يمر أحد أفراد أسرتك بضائقة مالية أو يحتاج إلى مساعدة، هل يمكن أن تتجاهله وتقدم العون لشخص غريب قبله؟ تخيل أن قريبك بحاجة إلى علاج أو يواجه أزمة مالية بينما تختار أن تتبرع لشخص لا تربطك به أي صلة ! إن الفطرة السليمة قبل الشرع والعقل تقتضي أن يكون دعم الأهل أولى من الغرباء فهم امتدادك الحقيقي وسندك في الحياة 


الصدقة في الأقارب فيها أجران: أجر صلة الرحم وأجر الصدقة إذا كانوا فقراء فهم أولى من غيرهم والصدقة فيهم مضاعفة وأما الأغنياء منهم تكون هدية إذا أهديت إليهم فهذا من صلة الرحم ومن أسباب المحبة والمودة والتقارب وصفاء القلوب.


لذلك فإن تقديم المعروف والصدقة للقريب ليس مجرد خيار بل هو مسؤولية أخلاقية وإنسانية وهو ما يؤكد عليه الدين والمجتمع لضمان تماسك الأسرة وتقوية روابطها قبل مدّ يد العون للآخرين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دوام كامل أو آداء كامل

مقال بقلمي بعنوان / مسامير العلاقة الزوجية في صحيفة عيون المدينة